كتبت: مريم ايمن
أكد الدكتور محمد معيط وزير المالية، أن الدولة، بقيادتها السياسية الحكيمة، تمضى فى مسيرتها التنموية؛ رغم كل التحديات التى تُعانيها كبرى الاقتصادات فى العالم، منذ اندلاع الحرب فى أوروبا، حيث ارتفع التضخم بمعدلات غير مسبوقة، وشهدت سلاسل الإمداد والتموين، اضطرابًا حادًا؛ نتيجة اختلال ميزان العرض والطلب، فى أعقاب أزمة كورونا، موضحًا أن توفير الاحتياجات الأساسية للمواطنين يعد «أولوية رئاسية» رغم كل هذه التحديات العالمية القاسية، التى تؤدى إلى ضغوط شديدة جدًا على الموازنة العامة للدولة، وكما تجاوزنا الجائحة دون نقص فى السلع، سنتخطى أيضًا الآثار السلبية للأزمة الأوكرانية.
قال الوزير، فى حوار مفتوح مع عدد من شباب وطلاب الجامعات، وممثلي المجتمع المدنى، وأعضاء مجلسى النواب والشيوخ بالفيوم، خلال الاحتفال بالتجربة المصرية الناجحة للموازنة التشاركية بحضور الدكتورة نيفين القباج وزيرة التضامن الاجتماعي والدكتور أشرف صبحي وزير الشباب والرياضة، والدكتور أحمد الأنصاري محافظ الفيوم، واللواء محمد أمين مستشار رئيس الجمهورية للشئون المالية، إن الرئيس عبدالفتاح السيسي يتابع أولاً بأول جهود الحكومة فى التعامل مع تداعيات الأزمات العالمية، وما يترتب عنها من موجة تضخمية عاتية؛ لتخفيف الأعباء عن المواطنين بقدر الإمكان، داعيًا جميع فئات المجتمع للتكاتف مع الدولة، وتعظيم القدرات الإنتاجية؛ حتى لا نستورد التضخم من الخارج.
أضاف الوزير، أن المشروعات التنموية غير قابلة للتأجيل، لتحسين معيشة المواطنين، ولتوفير فرص العمل، لافتًا إلى أن المبادرة الرئاسية لتنمية الريف المصرى وإرساء دعائم الحياة الكريمة بكل مفرداتها، تعد المشروع الأضخم تمويلًا، والأكثر تأثيرًا، وشمولاً، الذى يؤكد حرص الحكومة على أن يستفيد جميع المواطنين على مستوى الجمهورية بثمار النمو الاقتصادي، كما أن «التأمين الصحى الشامل» يستهدف تغطية كل أفراد الأسرة المصرية برعاية طبية متميزة بما يسهم فى خفض معدلات الفقر، وأن برنامج «تكافل وكرامة» يمتد للفئات الأكثر احتياجًا والأولى بالرعاية، تعزيزًا لمظلة الحماية الاجتماعية، جنبًا إلى جنب مع توصيل مياه الشرب والصرف الصحى والغاز الطبيعى للارتقاء بجودة حياة المواطنين.
أشار الوزير، إلى أننا حريصون على تبنى حوارات مجتمعية حول الموازنة؛ لتحديد أولويات الإنفاق العام، وهناك العديد من الوسائل المتطورة والأدوات التفاعلية، التى تنتهجها وزارة المالية عبر وحدة الشفافية والمشاركة المجتمعية فى مسيرة تبسيط المفاهيم الموازنية، على نحو تجلى فى «موازنة المواطن»، ودمج مقترحات المواطنين عند إعداد مشروع الموازنة على المستوى المحلى، الذى انعكس فى مبادرة «الموازنة التشاركية»، وتمكين الشباب، وإشراكهم فى رؤية الدولة والسياسات المالية للإصلاح، مع تبني أي «مشاريع تخرج» لطلاب الجامعات تحقق أهداف الموازنة التشاركية، وقد جاءت مصر فى المرتبة الأولى بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المشاركة المجتمعية وفقًا لتصنيف شراكة الموازنة الدولية لعام ٢٠٢١، بما يعد تتويجًا لتجربتنا الوطنية الخالصة فى هذا المضمار، التى تستهدف تعزيز مبادئ الشفافية والمشاركة والمساءلة المجتمعية، وتُلبى احتياجات المواطنين، وتُسهم في بناء الثقة بين كل شركاء التنمية.
قال الوزير، إنه إدراكًا لأهمية تعزيز الوعى الوطني بحقيقة الأوضاع بمصر، وما تشهده من إنجازات غير مسبوقة، خاصة فى ظل حرب الشائعات التى تستهدف عرقلة مسيرة الاقتصاد القومى، وزعزعة ثقة المواطنين فيما تراه أعينهم من إنجازات ملموسة على أرض الواقع، يتزايد حرصنا على تعميق التواصل المجتمعي، لنؤكد مجددًا الأداء الفعلي الجيد للموازنة خلال العام المالي الماضي المنتهي فى يونيه ٢٠٢٢، حيث سجلنا أعلى معدل نمو منذ عام ٢٠٠٨ بنسبة ٦,٦٪ من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بمتوسط عالمي ٣,٢٪ للاقتصادات الناشئة، وتراجع معدل البطالة إلى ٧,٢٪ في يونيه ٢٠٢٢ بتوفير ٨٢٦ ألف فرصة عمل، وانخفض عجز الموازنة من ١٣٪ في العام المالي ٢٠١٢/ ٢٠١٣ إلى ٦,١٪ من الناتج المحلي في العام المالي الماضي، وبذلك يكون معدل عجز الموازنة، لأول مرة منذ سنوات، أقل من متوسط الدول الناشئة، واستطعنا تحقيق فائض أولى للعام الخامس على التوالي بقيمة ١٠٠ مليار جنيه وبنسبة ١,٣٪ من الناتج المحلي، وبذلك تكون مصر واحدة من الدول القليلة من الاقتصادات الناشئة التي حققت فائضًا أوليًا في العام المالي الماضي ٢٠٢١/ ٢٠٢٢، وانخفض معدل الدين للناتج المحلي من ١٠٣٪ في يونيه ٢٠١٧ إلى ٨٧,٢٪ في يونيه ٢٠٢٢، مقارنة بنسبة مديونية حكومية عالمية ٩٩٪ من الناتج المحلي العالمي، كما تراجع معدل الدين أيضًا بنحو ١٥,٦٪ للناتج المحلي الإجمالي خلال الفترة من «٢٠١٦-٢٠٢٢» مقارنة بزيادة ١٩,٥٪ بالدول الناشئة، ونستهدف خفض معدل الدين للناتج المحلى إلى ٧٥٪ بحلول عام ٢٠٢٦
أشاد الدكتور أشرف صبحي وزير الشباب والرياضة، بما ذكره وزير المالية فيما يتعلق بالرد على الشائعات، فى ظل الأزمات التى يشهدها العالم، مبينًا أن وزارة الشباب والرياضة تتبنى مبادرة «تصدوا معنا» لتوعية النشء والشباب بحقائق الأمور والتحديات التى تواجه الدولة.
لفت وزير الشباب والرياضة، إلى نهج الوزارة نحو تطوير المنشآت الشبابية والرياضية من خلال إشراك مؤسسات القطاع الخاص بنظام حق الانتفاع وفق اللوائح والقوانين العاملة فى هذا الشأن تخفيفًا عن الموازنة العامة للدولة، وتسريع وتيرة تطوير مراكز الشباب بما يتناسب واحتياجات ومتطلبات النشء والشباب والمواطنين فى جميع أنحاء الجمهورية.
أشار وزير الشباب والرياضة، إلى التعاون المثمر بين وحدة السياسات بوزارة الشباب والرياضة مع وحدة الشفافية بوزارة المالية، وإنشاء منظومة كياني التي تجمع كل الخدمات المقدمة للشباب من مختلف المؤسسات والجهات فى مكان واحد، مثنيًا بالبرامج والمشروعات التى تنفذها مختلف الوزارات والمؤسسات لتوعية وتنمية مهارات الشباب فى مختلف المجالات.
أكدت الدكتورة نيفين القباج وزيرة التضامن الاجتماعي، أن مبادرة الموازنة التشاركية تتفق مع مرحلة تعزيز قواعد حوكمة الأداء والموازنة التي تشهدها البلاد، مشيدة بهذه الخطوة المهمة في مسار اللامركزية والمشاركة الاجتماعية والتطوع لكل الفئات والأعمار، كما أنها تعد شكلًا من أشكال مكافحة الفساد وترشيد الإنفاق العام وتحسين كفاءته.
أضافت القباج، أن وزارة التضامن الاجتماعي معنية بمساهمات المجتمع المدني، حيث إن الجمعيات الأهلية تقوم بدور كبير في عمليات الحوارات المجتمعية وجلسات الاستماع إضافة إلى دورهم في التثقيف المجتمعي بمكونات الموازنات بلغة مبسطة وسهلة الفهم للمواطن. وأشارت أن قانون تنظيم ممارسة العمل الأهلى ١٤٩ لسنة ٢٠١٩ ولائحته التنفيذية يسمح أيضًا بإطلاق مبادرات مجتمعية، مما يمكنه أن يفتح الطريق لفئات مختلفة من المواطنين لعمل مبادرات مثل الرقابة المجتمعية وتعبئة الموارد والمشاركة في إطلاق الموازنة التشاركية، مع إمكانية مشاركة الرائدات الريفيات ومكلفات الخدمة العامة في التثقيف المجتمعي وتعزيز معارف السيدات البسيطات في ترشيد الموارد وكفاءة الإنفاق والمساهمة في وضع الأولويات المجتمعية والموازنة التشاركية.
قال الدكتور أحمد الأنصاري، محافظ الفيوم، إن القيادة السياسية تمتلك رؤية ثاقبة، وقادرة على تجاوز المتغيرات العديدة غير المسبوقة التى تدور حولنا فى العالم، موضحًا أن مبادرة «حياة كريمة» انطلقت بمحافظة الفيوم، لتغيير وجه الحياة للمواطنين، وسيتم الإعلان عن منصتها الرقمية خلال الأسابيع القليلة المقبلة، لتلقى مقترحات وأفكار المواطنين الراغبين فى تنفيذها على أرض الواقع؛ على نحو يُسهم في الربط بين المواطنين والحكومة والمجتمع المدنى، بما يعزز مبادرة «الموازنة التشاركية»، خاصة أن ما طُرح، منذ إطلاقها، فى العديد من جلسات الحوار المجتمعي مع المواطنين والأحزاب السياسية والجمعيات الأهلية والائتلافات الشبابية وأعضاء مجلسي النواب والشيوخ، للوقوف على الاحتياجات الفعلية لمركزي إطسا ويوسف الصديق، أصبح الآن مشروعات يجرى تنفيذها على أرض الواقع.
أوضحت سارة عيد رئيس وحدة الشفافية والمشاركة المجتمعية بوزارة المالية، أننا نجحنا خلال ٨ سنوات فى الوصول لنموذج وطنى للموازنة التشاركية يضمن الشفافية والمشاركة والمساءلة المجتمعية، ويستجيب لاحتياجات المواطنين ويسهم في بناء الثقة بين شركاء التنمية لتحسين الإنفاق العام؛ على نحو يساعد فى تحسين جودة الخدمات العامة، لافتة إلى أن الوحدة تسعى إلى ترجمة أفكار الشباب لواقع ملموس فى ميدان العمل الاقتصادى وصقل خبراتهم ونقل تجارب الوزارة إليهم حيث تستقبل الوحدة مجموعة من شباب الخريجين بالجامعات لتأهيلهم ليكونوا «سفراء للتوعية الموازنية» تعزيزًا لأطر الشفافية والإفصاح المالى، بما يؤهلهم للعمل الاقتصادى، والاستفادة من مشروعات التخرج الخاصة بهم وتحويلها إلى مشاريع استثمارية قابلة للتنفيذ على أرض الواقع.
أضافت ليزلي ريد، مدير الوكالة الأمريكية للتنمية فى مصر، أننا نتعاون مع مصر منذ ٤ عقود فى العديد من المشروعات التى تستهدف نشر التنمية من خلال تطوير السياسات وتعزيز الحوكمة وزيادة مستوى الشفافية والتواصل المجتمعي، موضحة أنه تم خلال الفترة الأخيرة العمل على مبادرات جديدة، وبرامج حكومية مختلفة ومتميزة مثل موازنة البرامج والأداء وغيرها، واليوم نحتفل بنجاح الموازنة التشاركية.. وأشارت إلى أهمية وضع سياسات تلبى أهداف التنمية وترتكز على المشاركة المجتمعية، عبر إنشاء جسور تواصل مع المواطنين بمختلف فئاتهم.
قالت علا الخواجة، المستشار الأول بمشروع إصلاح واستقرار الاقتصاد الكلى، إن الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية تقدم كل سُبل الدعم لبرنامج الإصلاح الاقتصادي المصري، خاصة مبادرة «الموازنة التشاركية» التى تُسهم بفعالية فى تحسين كفاءة إدارة المالية العامة، والاستثمارات العامة فى مصر، لافتة إلى أن الموازنة التشاركية فكرة خرجت للنور من محافظة الإسكندرية بعد نقاش وتبادل آراء وأفكار مع كل الشرائح المجتمعية بشتى المحافظات؛ على نحو يساعد فى تحسين جودة حياة المواطنين.