اقتصادسياحة وسفرسياسةعاجل

الشعراوي …والحكيم” بين صراع الفكر وثوابت العقيدة لأحمد موسي عبادة .

“الادب مع الله” ابرز معارك امام الدعاة للدفاع عن الإسلام.

الشعراوي: ينسف كل مقالات توفيق الحكيم حول الذات الإلهية في ندوة مفتوحة .. والحكيم يغير مقالاته بعد اقتناعه بامام الدعاة.

تراجع يوسف إدريس وزكي نجيب محمود والحكيم حول مواجهة الشعراوي في لقاء مفتوح حول مقالات الحكيم .

توفيق الحكيم: ثماثلت للشفاء بعد زيارة الشعراوي لي بالمستشفى والصلاة في حجرتي .

 

 

كتب: عصام الشربيني
رحلة طويلة سطرها امام الدعاة الشيخ محمد متولي الشعراوي في خدمة الدعوة الإسلامية فلم يكن الشيخ الشعراوي رحمه الله يمتلك موهبة البيان والفصاحة وفك طلاسم اللغة وشرح الحلال والحرام فقط .. وإنما اجتذب قلوب الناس إليه بأسلوبه السهل الممتنع بكل ثقة وتمكن.. سباقا لكل الافلام للدفاع عن صحيح الإسلام وقضاياه.

ويعد امام الدعاة من العلماء الموسوعيين العظام الذي ظل يؤكد دائما انه لا يتم للمرء الإحاطة العلمية والثقافية الا اذا اطل علي الثقافات المعاصرة ومعرفة لغة أصحابها والتي من خلالها تصدي في وجه التغريب والاستشراق نافيا عن تراث الأمة كل ما يحاولون ان يلصقوه به .

وقد خاض الشيخ الشعراوي العديد من المعارك الفكرية مع عدد من أشهر المفكرين دفاعا عن الدين الإسلامي ونصرته بأسلوبه الجيد وعلمه الوفير وطريقته المتميزة التي تعتمد علي الإقناع ، ومن أشهر المعارك الفكرية التي خاضها امام الدعاة الشيخ الشعراوي هي معركته الفكرية الشهيرة مع المفكر الكبير توفيق الحكيم.
والتي قام مؤخرا الكاتب احمد موسي عبادة بنشر كل تفاصيلها مؤخرا عبر كتابه ” الشعراوي والحكيم ” بين صراع الفكر وثوابت العقيدة ” الذي صدر مؤخرا.

حيث تضمن كتاب الكاتب احمد موسي عبادة والذي ننفرد بنشر أجزاء منه حول “تفاصيل المعركة الشرسة بين الشعراوي والحكيم في ثمانيانينات القرن الماضي والتي بدأت بخصومه كبيرة بين الشعراوي والحكيم حول إساءة الحكيم الي الذات الإلهية عبر مقالاته حديث مع الله في بعض الصحف المشهورة ، ثم تفاصيل اللقاء المفتوح بين الشعراوي والحكيم حول مقالات الأخير وتفاصيل جلسة الصلح بين الشعراوي والحكيم التي تمت بعد تدخل بعض القيادات الفكرية والإعلامية ثم رجوع الحكيم عن مقالاته التي تسيء للذات الإلهية، واقتتاعه براي فضيلة امام الدعاة وتراجع الحكيم بعد لقاء الشيخ الشعراوي عن مقالاته التي تسيء للذات الإلهية وتفاصيل جلسة الصلح بين الشعراوي والحكيم في النهاية في مستشفي المقاولون العرب .

“بداية المعركة بين الشعراوي الحكيم ”

في عام ١٩٨٣ نشر توفيق الحكيم عدة مقالات أسبوعية له في بعض الصحف المشهورة تحت عنوان “حديث مع الله “واستباح لنفسه من خلال هذا المقال ان يتحدث الي الذات العليا للحق سبحانه وتعالي وانا يدخل معها في حوار من صنعه ووضع له الاسءلة والأجوبة وعبر فيه انه يجري حوارا مع الحق سبحانه وتعالي او خيل إليه ” ان يقول علي لسان الحق سبحانه وتعالي ما يشاء ويذكر عبارات منها ” بل انا في هذا الحوار المجيب عنك افتراضا”.. ونشر الحكيم حواراته المستفزة مع الذات الإلهية علي اربع حلقات أسبوعية عبر احدي الصحف اليومية المشهورة .

“الشعراوي يرد علي مقالات الحكيم ”

فور نشر مقالات الحكيم علي مدار شهر كامل تدخل امام الدعاة الشيخ محمد متولي الشعراوي للرد علي مقالات الحكيم علي الإساءة للذات الإلهية قاءلا” ان ما يكتبه توفيق الحكيم ضلال وإضلال”.
وعقب الشعراوي علي مقالات الحكيم قاءلا” لقد شاء الحق سبحانه وتعالي الا يفارق هذا الكاتب الدنيا الا بعد ان يضيع رصيد عمله في الدنيا حتي يلقي الله سبحانه وتعالي بلا رصيد ايماني من أفكار وعقائد كانت تتحدث فيها بها نفسه همسا ولا يجرؤ علي نشرها ”
وأضاف الشعراوي ” ولما كانت القضية أكبر مما أثير وهي مسألة المبدأ وهل يجوز أن يقول الإنسان منا علي الله سبحانه وتعالي مالم يقله” وان يخوض في موضوعات ليس هو مدركا لمدي أبعادها وعمقها ، لما تركته من ردود أفعال واعتراضات كثيرة من جموع المسلمين.
واكد الشعراوي” الحقيقة فرغم حسن النوايا التي كتب بها الكاتب توفيق الحكيم مقالاته فانه لم يكن مقبولا سواء من توفيق الحكيم او من غيره ان يضع إنسان نفسه في مستوي الخالق سبحانه وتعالي وان يجري حوارا معه بنفس الطريقة التي تجري بين البشر.

“الحكيم يرفض مواجهة الشعراوي ”
وبعد نشر رد الشيخ الشعراوي علي مقالات توفيق الحكيم اشتدت ضراوة المعركة بين الشيخ الشعراوي والكاتب توفيق الحكيم وعلماء المسلمين واتسع ميدانها واذداد خصومها وتدخل الي جانب توفيق الحكيم الكاتب زكي نجيب محمود والكاتب يوسف إدريس فطلب الشيخ الشعراوي وقتها عقد ندوة مفتوحة في التلفزيون المصري وان يحضرها توفيق الحكيم ويوسف إدريس وزكي نجيب محمود وان يحضرها هو بمفرده واشترط الشيخ الشعراوي ان تكون الندوة علي مراي ومسمع من المجتمع كله ووافق وقتها وزير الإعلام علي استضافة التلفزيون المصري لمثل هذه الندوات لأنها تسهم في تبصير المجتمع بالقضايا الدينية .
الا ان توفيق الحكيم وأنصاره لم يبدوا موافقة من جانبهم للدخول مع الشيخ الشعراوي في حوار او مواجهة وشن الحكيم وأنصاره هجوما حادا علي الشيخ الشعراوي ووصفوه بأنه يحاول ان يجعل من نفسه وصيا علي الدين .

وكان رد امام الدعاة علي هجوم الحكيم وأنصاره ان خطورة ما قاله توفيق الحكيم في حديثه المزعوم مع الله سبحانه وتعالي الان لا تظهر خطورته الان ” أي وقت ولادة الحدث” إنما المسألة أخطر في المستقبل حين تقول الأجيال المقبلة بأن الله قد خاطب توفيق الحكيم كما خاطب نبيه محمد صلي الله عليه وسلم.

“لقاء الصلح بين الشعراوي والحكيم ”

بعد محاولات للشد والجذب بين الشعراوي والحكيم بادر عدد من كتاب مصر ومفكريها الي طلب ندوة عاجلة لحل الخلاف بين الشعراوي والحكيم حول مقالات إساءة الحكيم للذات الإلهية ومناقشة ما أثارته هذه المقالات من قضية دينية عديدة وبحضور علماء المسلمين ووجهت الدعوي ايضا لفضيلة الشيخ الشعراوي للتعقيب فور انتهاء الندوة مباشرة وبعد تسجيلها وارسالها له للتعقيب ، اذا وجدت أخطاء إيمانية سواء بالمقالات او بندوة علماء المسلمين والتي عقدت بمكتب توفيق الحكيم واستمرت اكثر من اربع ساعات كاملة.
وقد عقدت الندوة في حضور: د/ احمد عمر هاشم استاذ الحديث بجامعة الأزهر في ذلك الوقت والدكتورة عائشة عبد الرحمن ” بنت الشاطيء” والدكتور الحسيني هاشم الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية والدكتور موسي شاهين لاشين استاذ التفسير والحديث بجامعة الأزهر والأستاذ احمد زين الكاتب الصحفي الشهير.
وقد حضر الندوة فضيلة الشيخ الشعراوي للرد علي مقالات الحكيم علي الإساءة للذات الإلهية.

وفي بداية الندوة قال توفيق الحكيم ” انا أتجاهي لما كتبت لم يكن مرتبا او مجهزا او حسب خطة محددة وإنما واقع حصل لي .. وهو انا بيتي خلا من الأسرة بوفاة زوجتي وابني فأنا عندي يفطة مكتوب عليها يارب ” .فأصبحت كلمة يارب هذه تلقائيا اقولها عندما انزل من البيت وعندما أحضر الي البيت وانا اعيش في البيت وحدي ولا يوجد الا ست عجوز تقوم علي خدمتي.
وأضاف الحكيم اني اتخيل انا حواري مع الله واقعي باعتبار أن البيت صحيح يعني هو موجود وانا اكلمه وهناك صوت داخلي يعني كل شيء يحصل في حياتي اقول هذه حكمتك وهذا ما يريحني. ” وقرايي يفهمون نيتي ” “وهذه مناجاة بيني وبين ربي” وانا قولت ذلك وكان يحب علي الجميع ان يتسامحوا في مسألة النية فالمسألة ان الشكل وليس المضمون الذي فيه.

“رد الشعراوي علي الحكيم في مكتبه ”

من جانبه قال امام الدعاة الشيخ محمد متولي الشعراوي للرد علي مقالات الحكيم علي الإساءة للذات الإلهية بعد سماعه الندوة المسجلة التي عقدت بمكتب توفيق الحكيم ان مقالات الحكيم بعنوان حديث مع الله جانبه الصواب فالله رب الناس اجمعين ولكل منا الحق ومطلق الحرية في أي يتحدث مع الله علي ان يراعي جلال الله ولا اعتراض علي التوسل الي الله طالما سيكون من طرف واحد فقط والحكيم حر ان يقول لربه ما يشاء ويناجيه بما يريحه ولكن بأدب المناجاة مع الله .
إذن ما دام المتحدث يقول لربه فليقل ما يشاء مما يفرج كربه الاعتراض ليس علي هذا بل الاعتراض علي حديث من الله الي توفيق الحكيم هناك فرق كبير بين حديث مع الله “وبين حديث من الله وهو ما كتبه الحكيم علي لسان الله جل جلاله ثم اصر عليه.
واذا كان الله علمنا الأدب مع رسول الله فلا بد أن يكون الحديث مع الله من باب اولي اكثر وأعمق و اخشع .
ولقد قال الله سبحانه وتعالي في كتابه الكريم ” وما كان لبشر ان يكلمه الله الا وحيا او من وراء حجاب او يرسل رسولا” والاستاذ توفيق الحكيم لم يقل لنا كيف كلمه الله سبحانه وتعالي هل من وراء حجاب او بواسطة وحي .. أو بواسطة رسول …

واكد الشعراوي ان كل ما كتبه الحكيم علي الإساءة للذات الإلهية وبعد حديثه في الندوة تؤكد أن المسألة كلها دنيوية يراد بها دنيا اكثر مما يراد بها دينا ، ولو أراد بها الدين لكانت هناك دراسة في الأخطاء الإيمانية الكثيرة التي وقع فيها الأستاذ توفيق الحكيم عن نسبة الأديان والذين يدخلون الجنة دون نطق شهادة ان لا اله الا الله ودون أن يؤمنوا بالله وعلي ما قاله الأنبياء وعصمتهم.

“لقاء الصلح …الحكيم يدين بالفضل للشعراوي’

بعد الرد الشهير المقنع للشيخ محمد متولي الشعراوي للرد علي مقالات الحكيم علي الإساءة للذات الإلهية في الندوة الشهيرة بمكتب توفيق الحكيم التي استمرت أربعة ساعات غير توفيق الحكيم عنوان مقالاته من “حديث مع الله” الي حديث مع نفسي” واستمر في مناجاته للذات العليا بكل قداسه وخضوع وخشوع.

وفي ٤ أغسطس ١٩٨٤ كان توفيق الحكيم يعالج في مستشفي المقاولون العرب أي بعد عام ونصف من الندوة الشهيرة في مكتب توفيق الحكيم ومواجهة الشيخ الشعراوي له في مكتبه وإقناعه بالأدب مع الله

وتحدث توفيق الحكيم مع الكاتب الصحفي صلاح منتصر في المستشفي بأنه شاهد في المنام الشيخ الشعراوي يؤدي الصلاة ثم بعد الصلاة توجه الي الله بالدعاء ” أي “لتوفيق الحكيم “واكد الحكيم لصلاح منتصر المهم في هذه الفترة كنت اجتاز مرحلة دقيقة كان الأطباء يتوقعون موتي في أي لحظة لكن المهم هو احساسي بالشفاء بعد رؤيتي في المنام حلم الشيخ الشعراوي .

وبالفعل أشار الكاتب صلاح منتصر في مقال له في احدي الصحف اليومية المشهورة ما ذكره توفيق الحكيم وحلمه بالشيخ الشعراوي.
وفور نشر المقال توجه الشيخ الشعراوي بالفعل الي المستشفى التي يعالج بها توفيق الحكيم وفي يوم الثلاثاء ٧ أغسطس ١٩٨٤ كان الكاتب توفيق الحكيم يجلس علي كنبة تواجه التلفزيون في مستشفي المقاولون العرب وفي حالة استرخاء ودخل عليه الشيخ الشعراوي وما ان اقترب منه ودقق توفيق الحكيم في ملامحه حتي هب واقفا وهو يقول شيخ شعراوي! وبالاحضان المتبادلة تم اللقاء بين الشعراوي والحكيم وصلي الشعراوي العشاء في حجرة توفيق الحكيم بالمستشفى ودعا له بالشفاء وانتهت الخصومة بين الطرفين .

“الحكيم يشيد الشعراوي ”

.وبعد زيارته قال الحكيم عن الشعراوي ”
” ان رجل مثل فضيلة الشيخ الشعراوي زهد في الألقاب والنفوذ واكتفي بأن يكون الداعية للاسلام والخالق والله تعالي يستجيب لمن يدعو له ولدينه .. وقد استجاب له يوم زارني في المستشفى وصلي في حجرتي . فشفاني الله وحلت البركة في الحجرة لتكون رحمة باذن الرحمن لمن يدخلها بعدي.
وعندي له اقتراح ان يختار من بين مؤيديه ومريديه بعض الشباب الموهوبين في عرفه ليسيروا مسيرته في حب الله وينهجوا نهجة في الدعوة الإسلامية فخدمة الدين من واجب الدولة بالرعاية والتنظيم ومن واجب الفرد بالحب والإيمان والله اسال ان يوفقنا الي غرس حبه في قلوبنا وتثبيت إيماننا والتسليم له وان يشملنا برحمته وهو الرحمن الرحيم.

Facebook Comments Box

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى