
كتبت / دينا صبحي
روسيا تلك الدولة التي علي عتباتها انهارت النازية وكتبت اخر سطور الحرب العالمية الثانية ، والتي حاولت ترمم انقاض الاتحاد السوفيتي، لتوازن القوي العظمي في العالم.
البداية جاءت بعد سقوط الاتحاد السوفياتي، حيث استقلّت روسيا التي كانت تعاني من أزمات اقتصادية وضعفاً كبيراً في جبهتها الداخلية، ما اضطرتها أثناء حُكم يلتسين إلى التخلّي عن مكانتها كدولةٍ كبرى، حيث أصبحت روسيا في موقف الضعف والمُسايرة للغرب، ولذلك استغلّ الغرب الأزمة الإقتصادية التي تعاني منها لمحاولة تطويقها، ومنع صعودها كدولةٍ كبرى.
فروسيا من الناحية الاجتماعية والدينية تعدّ ليبيرالية فعلاً، لأن الروسي لا يتعامل مع الآخر انطلاقاً من انتمائه الديني أو القومي، وليست هناك أية حدود اجتماعية أو دينية لدى الروس في علاقاتهم مع الآخرين. ويلاحظ أن السياسة الخارجية الروسية اتّجهت شرقاً بعد رفض محاولاتها الالتحاق بالكتلة الأوروبية الغربية، وهي لا تسعى إلى تكتلٍ أو حلف جيوستراتيجي مناوئ للمنظومة الأورو- أطلنطية. لكنها تحاول من خلال الانضمام إلى تكتلات مثل منظمة معاهدة الأمن المشترك أو مجموعة «البريكس» تحجيمَ إمكانات المدّ الغربي على الأقل قرب حدودها الإمبراطورية التاريخية، لكن هذه المنظمات ضعيفة ولا تُعدّ مُنافساً حقيقياً لحلف الناتو.٠
و لذلك هيمن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على سياسة بلده كزعيمٍ بلا منافس لمدة تصل إلى عقدين من الزمان تقريباً، شهدا الكثير من المتغيّرات في حياة الروس. وأشرف بوتين خلال ولايات حكمه كرئيس ورئيس للوزراء، على الازدهار الاقتصادي والتوسّع العسكري وإعادة تأسيس روسيا كقوّة عظمى، مشيراً إلى تحسّن مستويات المعيشة بالنسبة لمعظم المواطنين وإنعاش الإحساس بالاستقرار والفخر الوطني، لكن في المقابل تآكلت الديمقراطية.
و قراره بالهجوم العسكري علي أوكرانيا جاء نابعا من حماية حدود روسيا والهيمنة والسيطرة علي المنطقة أمام الناتو بوجه عام ، وأمام الولايات المتحدة الأمريكية بوجه خاص ، و ما شجعه علي ذلك تحالفه مع الصين كظهير اقتصادي قوي له ، مما ساعده علي اتخاذ القرار في تلك المرحلة الراهنة.
اليوم وعند النظر إلى روسيا، نجد إنها قد عادت من جديد إلى الساحة الدولية، وأصبحت فاعلاً قوياً ولها تأثير قوي في القضايا الدولية، وذلك لأنه من ناحية النظام السياسي الداخلي، فقد استقرّ النظام السياسي الروسي بدرجة كبيرة، ومن ناحية الإقتصاد استقرّ أيضاً الإقتصاد الروسي بدرجةٍ كبيرة، ومن ناحية القوّة العسكرية نجدها القوّة الثانية في العالم. كل هذا انعكس بصورةٍ كبيرةٍ على السياسة الخارجية الروسية، لذلك ظهر تأثير هذه السياسة في معظم القضايا الدولية، وبدأت العلاقات الروسية مع دول العالم تزداد وتعود من جديد، لذلك نجد أن السياسة الخارحية الروسية والتحرّك الدبلوماسي الروسي سعى إلى تحقيق أهداف روسيا.
ولكن يبقي السؤال هل ستكون روسيا بعد الغزو الأوكراني هي القوي العظمي الاولي في العالم بعد هبوط اسهم الولايات المتحدة بعد أزمات العنصرية و كورونا والخروج الهزلي من أفغنستان ، أما ستكون أوكرانيا هي مقبرة روسيا كما كانت فيتنام مقبرة لأمريكا…الأيام القادمة ستحدد خريطة العالم الجديد.